بداية لنتفق على أن آلاف الموهوبين يتمنون لو نالهم من أضواء نزار قباني ولو جزءاً بسيطاً بصرف النظر عن القدرة الإبداعية وهذا يعني أنه لا بد من الاعتراف، أنه ليس من السهل اقتحام عالم شاعر مترامي الأطراف، كعالم الشاعر نزار قباني، محصن بقلاع عالية من الشهرة والذيوع وفيه من التنوع ما يبهر ومن الانسجام ما يُسحر وفيه من الارتقاء وما يحيل القارئ إلى فضاءات لا حدود لها.الوطن في شعر نزار قباني
إنه عالم ثري متسع لكل مجالات الحياة والكتابة عنه مغامرة بحد ذاتها، لأنه تجربة شعرية حافلة، تتميز بنوع من الاستثناء في تاريخ الشعر العربي المعاصر بسبب الموضوعات التي أثارها في شعره وبسبب الإشكاليات التي أثيرت حول شعره، لكن تبقى المغامرة كشفاً وتوغلاً في هذا العالم الجميل الذي ترك بصماته واضحة في ذوات أجيالنا، وخبّأ فيها فوانيس لا زالت تنير الطريق للعشق والثورة في آن معاً.
الشاعر الذي اقتحم علينا خلوتنا وفاجأنا بأحاسيس لم نعهدها، وبنواميس لم نتعامل معها من قبل، وبطقوس لم نمارسها إلا في عالمنا المظلم، لم يهادن ولم يداهن ولذا جاء شعره من قناعات شخصية خاصة غير آبه بعادات وتقاليد أو بمواقف ولذلك هوجم بشراسة منذ ديوانه الأول. وكان لحمه- على حد تعبيره- في سيرته الذاتية "قصتي مع الشعر" يومئذ طرياً وسكاكينهم حادة. ومنذ ذلك الوقت بدأت "حفلة الرَّجم" ومع هذا كله ظل يباغتنا مباغتة الفاتح حتى اخترق حياتنا وأشياءنا وأولادنا ونساءنا وكان في كل ما يفعل يلقى استجابة صريحة أو ضمنية. لم يترك لنا بيتاً لم يدخله، ولا طفلاً لم يلعب معه، ولا حديقة لم يجلس تحت أشجارها، ولا عاشقاً إلا احتضنه، ولا عاشقة إلا أهداها ديواناً من شعره وعلَّمها كيف تكتشف الأنوثة.
لقد كسر السائد فينا، وانتهك المحرم الاجتماعي الذي نخشاه لامتلاكه الجرأة في احتواء الضمير المقموع، فعلى يديه أصبحت مساحة الجمال أكبر من مساحة القبح، ومساحة الحب أكبر من مساحة الكراهية، وعلى يديه صار الشارع العربي أكثر شجاعة في مواجهة المتخاذلين والمهرولين فكان الناطق الرسمي بلسان من لا لسان لهم لأنه عالج قضايا كبرى شابها كثير من التعقيد.
إنه الشاعر الجريء الذي يجيد الوخز بالكلمات في فيض من الانفعالات والأفكار التي تبدو جارحة من فرط جرأتها، فهز كثيراً من القيم الفكرية والاجتماعية والسياسية الموروثة من عصور الانحطاط.
على هذا كان نزار قباني لغة خاصة، وإشكالية ما زالت تثير الصخب، وظاهرة تحتاج إلى بحث متأن فالشاعر كان شديد الوعي بالشروخ التي كان يحدثها في جدران المجتمع لأنه كان يعتبر نفسه صاحب مدرسة خاصة في الشعر وعليه أن يعيد تشكيل الوجدان العربي معتبراً نفسه "مقاتلاً حتى يصبح البحر أكثر زرقة، وعصافير الحرية أكثر تناسلاً، وقامة الإنسان أكثر ارتفاعاً" ولذلك استخدم أحكام تعميم متطرفة وأدان حالات في الواقع العربي إدانات بالغة القسوة وصلت إلى حد الهجاء.
ومع ذلك غفر له الناس شتمه بالغ القسوة لأمته وتاريخها بل على العكس فقد لعب شعره دوراً في صنع الوجدان الشعبي ورفع درجة الحساسية في الوعي الوطني عموماً. وهنا نرى الوطن حاضراً في ذاته وشعره وإن- اعتبر شاعر المرأة- فقد أعطى المرأة بعداً وطنياً وحمل الوطن عشقاً دائماً في ذاته فكتب شعراً للحب أخرج فيه علاقات الحب في المجتمع العربي من "مغائر القهر- والكبت، والباطنية، إلى ضوء الشمس ومنحها العلنية والشرعية.. وكسر صورة المرأة الجارية، وحوّل جسد المرأة العربية من وليمة بدائية تستعمل فيها الأنياب والأظافر إلى وردة ونجمة وقصيدة" يقول الشاعر:
ثوري، أحبُّكِ أن تثوري
ثوريْ على شرقِ السَّبايا والتَّكايا والبُخورِ
لا تَرْهبي أحداً
فإنَّ الشمسَ مقبرةُ النسورِ
ثوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ
وعندما بدأ بخضِّ الحياة الاجتماعية والسياسية العربية عرف قطاره الشعري
محطات صاخبة "خبز وحشيش وقمرْ" في وجه شرق الخمسينات الغائب في البخور
والتكايا والهوامش على دفتر النكسة، مع نهاية الستينات وانكسار الحلم
العربي تتالت قصائده الحزيرانية التي نقلت همومه، وكتب شعراً للحرية حفظه
الناس وتناقلوه، بلغة سلسة ومأنوسة وبشعرية رائدة وفي كل ما كتب كان قريباً
من لغة الحوار اليومي الذي كان جواز سفر إلى جميع طبقات الشعب.لقد عاش الشاعر لبلاده تهزه أفراحها وتبكيه مصائبها، وغنَّى البطولة، وهاجم التخاذل والضعف. إنه يلخص عصراً بكامله، عاشته أمتنا عبر إشراقاته وانهياراته، تمرد على التقاليد واختط طريقاً فيه الحب هو العنوان وكان مدرسة تستعصي على التقليد لأنه ساكن في قصائده فهل ننكر على شاعر بمثل هذه المواصفات وطنيته أو حمل الوطنية في أحادية الشكل، ولنلاحظ كيف يرى الشاعر نزار قباني الوطن حتى نستطيع أن نقرر شكل الوطن في شعر نزار يقول نزار قباني:
"إن مفهومي للوطن والوطنية مفهوم تركيبي وبانورامي، وصورة الوطن عندي
تتألف كالبناء السمفوني من ملايين الأشياء، ابتداءً من حبة المطر إلى ورقة
الشجر إلى رغيف الخبز، إلى مزراب الماء، إلى مكاتيب الحب، إلى طيارات
الورق، إلى حوار الصراصير الليلية، إلى المشط المسافر في شعر حبيبتي، إلى
سجادة صلاة أمي، إلى الزمن المحفور على جبين أبي، من هذه الشرفة الواسعة
أرى الوطن، وأحتضنه وأتوحد معه، فالكتابة عن الوطن ليست موعظة، ولا خطبة
ولا افتتاحية جريدة يومية تتحدث بطريقة دراماتيكية عن خيوله وبيارقه
وفرسانه وأعدائه الذين (نضجت جلودهم قبل نضج التين والعنب) وعن بطولات أمير
المؤمنين الذي يمد رجليه فوق (جفن الردى وهو نائم) هذا نوع من أنواع
الوطنية التي تعتمد النقل الفوتوغرافي لأداة الحرب".
وهنا يبدو لنا الوطن عند نزار قباني الحياة بحركتها المادية والاجتماعية والنفسية، إنه الوطن النابض بالحركة والوجود. يقول الشاعر:
"الوطن ليس أداة حربية فقط ولا هو جيب أمير المؤمنين فقط، بل هو مسرح
بشري كبير، يضحك الناس فيه ويبكون، ويضجرون ويتشاجرون، ويعشقون ويمارسون
الجنس، ويسكرون ويصلون، ويؤمنون ويكفرون، وينتصرون وينهزمون، من هذه
الزاوية المنفتحة على الإنسان من الداخل والخارج أسمح لنفسي أن أقول بصوت
عالٍ: إن شعري كله ابتداء من أول فاصلة حتى آخر نقطة فيه، وبصرف النظر عن
المواد الأولية التي تشكله والبشر الذين يملؤونه من رجال ونساء والتجربة
التي تضيئه، سواء كانت تجربة عاطفية أو سياسية، هو شعر وطني، إنني مقتنع
بوطنيتي هذه وحسبي في تاريخ الشعر شاعران عظيمان أعطيا الحب والثورة شعرهما
وحياتهما بايرون ولوركا".
من هذا المسرح البشري الكبير تنبثق الوطنية التي تحمل عرق الكادحين
وبسمة الفرحين، وحلم العاشقين، وبأس الثائرين. فالوطن في نظر الشاعر ليس
الأداة الحربية أو المعركة. فالمعركة موقف وطني وليس الوطن. إن الوطن يعني
الحياة والحب والبقاء وليس الحرب والدمار. يقول الشاعر:
كلَّما غنَّيت باسمِ امرأةٍ
أسقَطوا قوميَّتي مني وقالوا:
"كيف لا يكتُبُ شِعراً للوَطْن؟"
فهل المرأة شيءٌ آخرُ غير الوطَنْ
آهِ- لو يُدركُ من يقرؤُني
أنَّ ما أكتُبُه في الحبِّ...
مكتوبٌ لتحريرِ الوطَنْ...
لقد وضع نزار قباني المرأة في موقع العلاقة مع الوطن بالرغم من أنه غاص
في جسد المرأة بلغة لم تخل من الجنسية ووصف كل شيء من أشيائها وحوَّله إلى
عالم شعري. مع علمنا أن جسد المرأة في الأنساق الأخلاقية التقليدية يتخذ
شكل مستودع اجتماعي رمزي للقيم، مغلق على نفسه وقد اقتحم نزار أكثر الزوايا
خصوصية في هذا المستودع وهو في رؤيته هذه يعتبر نفسه أنه يسمو بالمرأة
ويكتشف أبعادها المتسامية التي إذا ما أخذت مداها ارتقت بالوطن إلى مستوى
حضاري كبير. يقول الشاعر:
أريدُكِ أنثى
لتبقى الحياةُ على أرضِنا ممكنهْ
وتبقى الكواكبُ والأزمنهْ
فما دُمتِ أنثى فنحنُ بخيرٍ
وما دمتِ أنثى
فليسَ هنالكَ خوفٌ على المدنيَّهْ
إذن فنزار يدعو إلى إعادة الحوار الطبيعي بيننا وبين أجسادنا، وإعادة
الحب الطبيعي كفعالية إنسانية مبدعة وخلاقة إنه يردم الهوة بين الروح
والجسد ويخرج جسد المرأة من منطقة الصمت إلى منطقةا لصوت، ومن منطقة الغياب
إلى منطقة الحضور كي تكون المرأة فاعلة ومؤثرة ويكون لها كيانها الاجتماعي
الذي من خلاله تستطيع أن تبني الإنسان الحر لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وما
دامت المرأة مكبلة فقدرات الوطن تبقى دون مستوى الطموح.لقد عرف نزار قباني كيف يمزج بين المرأة والوطن وأن لا يتحرج من تهمة شاعر المرأة التي رافقته طوال حياته الشعرية وهو لا ينكر ذلك لكنه ينكر هذا التجزيء الذي يحدثه المشككون وهذا الفصل المفتعل بين الوطن والمرأة. يقول الشاعر:
" تسعون بالمئة من الأحاديث الصحفية التي تجري معي تطرح ذات السؤال الذي
أصبح بالنسبة لي صداماً يومياً لا يحتمل: لماذا اخترت المرأة موضوعاً
رئيسياً لشعرك ونسيت الوطن؟
وإن طرح السؤال بهذا الشكل العدواني يدل على أن طارحيه لا يعرفون شيئاً
عن المرأة ولا عن الوطن. يتصورون أن المرأة عنصر مضاد للوطن ومتناقض معه،
وبالتالي فإن كل كتابة عنها، أو محاولة لدخول عالمها، وكشف الستائر عن
أحزانها وعذاباتها، ومسح التراب المتراكم على وجهها وجسدها عبر ألوف السنين
يعتبر عملاً ضد الوطن، مسكين هذا الوطن كم نختصر ساحته حتى يصبح أصغر من
قمحة. إننا نضيُّقه ونعصره بين أيدينا حتى لا يبقى من غاباته سوى شجرة، ومن
بحاره سوى اسفنجة ومن طموحاته سوى خارطة مدرسية، ونشيد عسكري. الوطن الذي
نتعامل معه هو نصف وطن.. ربع وطن.. جزء من مئة من الوطن.
نحن نتعامل مع الوطن الجغرافي وننسى الوطن النفسي.. نتعامل مع المئذنة
وننسى المؤذن، ومع الكتاب وننسى الصفحات، ومع الزجاج وننسى العطر، ومع
البحر وننسى المسافرين، ومع الدين وننسى الله، ومع الجنس وننسى المرأة. هذا
الفكر التجزيئي جعل الوطن عندنا رقعة شطرنج منفصلة الخانات وبالنسبة لي
كان من المفروض- تبعاً لهذا المنطلق الهندسي- أن أبقى في مربع المرأة لأنني
ولدت فيه وعلي أن أموت فيه.."
وبهذه العلاقة الحميمية يربط الشاعر الوطن بحب المرأة.. الوطن بكل مافيه
من أشياء وأفكار ومعتقدات فما دام الحب قائماً فالصلة موجودة ووطيدة في
هذا الكون. يقول الشاعر:
إني أحبُّك كي أبقى على صلةٍ
باللهِ، بالأرضِ، بالتاريخِ بالزمنِ
بالماءِ، بالزرعِ، بالأطفالِ إن ضحكوا
بالخبزِ، بالبحرِ، بالأصدافِ، بالسفنِ
بنجمة الليلِ، تُهديني أساورَها
بالشعرِ أسكنُهُ والجُرْحُ يسكنُني
أنتِ البلادُ التي تُعطيني هُويتَها
من لا يُحبُّك يبقى دونما وطَنِ
لكن نزار قباني لم يستطع أن يكرس هذا الحب الشمولي بدون أن ينتهك حرمة
المحرم الاجتماعي الذي يحد كثيراً من حركة الذات التي يمكن لها أن تنطلق
لتحقق فعلاً رائعاً إذا ما أتيح لها ذلك وقد رفع شعار التغيير الذي يرفع عن
كاهل الأمة كثيراً من المفاهيم التي أثقلت كاهلها وحملتها لائحة واسعة من
العيوب في علاقاتها الاجتماعية. يقول الشاعر:
منذُ خمسين سنةٍ..
وأنا أقفزُ من لغمٍ إلى لغمٍ..
وأدعو أمتي كي تتغير
لم أُفجِّرْ حائط القبح- كما خُيِّل لي-
إنما كنت بتاريخي أتفجرْ
هذه الدعوة للتغيير شملت عند نزار قباني جميع مناحي الحياة وقد وشَّاها
بالحب الذي به يمكن أن نعيد ترتيب العالم وعلى أساسه يمكن أن تسمو النفوس
وتذوب في إنسانية عالية الفعل لكن هذه الدعوة قد واجهت معارضة شديدة من
الجميع الذين اعتبروا هذه الدعوة تخريباً وهي في الحقيقة بحث عن الوطن في
ذات الإنسان العربي.. الإنسان الذي طوقته أشكال الحياة الرتيبة. يقول
الشاعر:
عندما بدأتُ أعمالَ التنقيبِ عن الحبِّ
ونجحتْ تجاربي الأولى
خافَ أهلُ البلدِ على نسائِهم
وخاف الرجال على رجولتِهم
وخاف المثقفون والكتَّابُ على وظائِفهم
وخافَ الأمريكيونَ على استثماراتِهم
وخافَ الانكليزُ على امبراطوريتهم
وفي كلِّ هذا اعتبر المرأة أداة التغيير وهي المنطلق في أي تحرر اجتماعي
أو سياسي أو اقتصادي لأن المرأة هي الحامل الاجتماعي في قيادة المجتمع
لأنها الأم والأخت والابنة والحبيبة وبدونها لا يستقيم الوطن ولا يمكن لأي
وطن أن يرقى ما دامت المرأة فيه تقبع وراء الجدران المظلمة. إذن فالشاعر
اعتبر المرأة فعلاً وطنياً خالصاً وأداة تغيير وقوة تحدٍّ. يقول الشاعر:
أُشهركِ في وجهِ البوليسِ العربيِّ
أغنيةْ
وفي وجهِ النِّفطِ العربيّ
قارورةَ عطرْ
وفي وجهِ الموتِ العربيِّ
بشارةَ ولادةْ
ولكي تكون الولادةُ صحيحةً ومعافاةً فقد شنَّ الشاعرُ هجومَهُ على
العادات والتقاليد بشكل جريء وانتقد الواقع الاجتماعي انتقادات قاسية هز
فيها الضمير الاجتماعي وحرك سكون المجتمع الذي كان يحلم بالوداعة والبساطة
فكانت قصيدته "خبز وحشيش وقمر" أول رمية توجه إلى ذلك الواقع فأحدثت فيه
بلبلة واضحة لأنها تجرأت على اقتحام قيم اجتماعية تصل إلى حد القداسة بهذا
الفعل الشعري دخل نزار عالم الصراع مع المجتمع بجل قواه. يقول الشاعر:
في ليالي الشرق.. لمّا
يبلغ البدر تمامه..
يتعرى الشرق من كل كرامَهْ
ونضال
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالْ
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ
وفي يومِ القيامَهْ
والتي تسكنُ في الليل بيوتاً من سعالْ
أبداً ما عرفتْ شكلَ الدواءْ
تتردّى..
جثثاً تحتَ الضياءْ
وتوالت قصائد الشاعر في دفع المجتمع إلى النظر في واقعه وفي عاداته
وتقاليده والبحث عن طرق جديدة تحقق تواصلاً جديداً و فعلاً يحقق تواصل
المجتمع والفكر وفي هذه الدعوة تعمَّد الشاعر أن يتخذ موقفاً صدامياً من
الجميع وباسم الجميع لأن الوعظ لم يعد كافياً فكان لا بد من الصدام
والسخرية والتهكم وربما الإدانة والتعرية الفضائحية وهو يعلم أنه سيلاقي
مواجهة ومعارضة وإدانة من المجتمع. يقول الشاعر:
فلا تستغربي أبداً
أيا عصفورة الصيف الرماديّة
إذا اغتالوا أزاهيري
فهذا العصرُ يؤمنُ بالأزاهير الصناعيّةْ
ولا تبكي عليَّ إذا أدانوني
وقالوا عن كتاباتي إباحيّهْ
فكلُّ محاكمِ العشاقِ في وطني
محاكمُ غيرُ شرعيّهْ
وهنا فتح الشاعر بوابة واسعة للحوار فيما هو ممنوع وأزال بهذه الشعرية
الاقتحامية حواجز لم يكن أحد يجرؤ عليها وبها. من خلالها استطاع الشاعر أن
يضيء التاريخ العربي وأن يظهر مواطن القوة فيه ويجعلها حافزاً للأجيال وأن
ينتقد كذلك أشكال الاقتداء التاريخي التي لا تؤدي إلى دفع المجتمع العربي
نحو التقدم. يقول الشاعر عن الأندلس "إسبانيا":"إن إسبانيا- بالنسبة للعربي- هي وجع تاريخي لا يحتمل. فتحت كل حجر من حجارتها ينام خليفة ووراء كل باب من أبوابها عينان سوداوان، وفي غرغرة كل نافورة في منازل قرطبة صوت امرأة تبكي فارسها الذي لم يعد. السَّفر إلى الأندلس سفر في غابة الدمع. وما من مرة ذهبت إلى غرناطة إلا ونامت معي دمشق على مخدتي الأندلسية، روائح الياسمين الدمشقي وعبير الأضاليا والتاريخ" أما هذا الوجه الطافح سمرة هو وجه دمشقي يراه الشاعر حيث وجدها حفيدة من أحفاده. يقول الشاعر:
غرناطةُ وصَحَتْ قرونٌ سبعةٌ
في تَيْنكَ العينينِ بعدَ رقادِ
وأميةٌ راياتُها مرفوعةٌ
وجيادُها موصولةٌ بجيادي
ما أغربَ التاريخَ كيفَ أعادني
لحفيدةٍ سمراءَ من أحفادي
وجهٌ دمشقيٌ رأيتُ خلالَهُ
أجفانَ بلقيسٍ وجيدَ سعادِ
قالت هنا الحمراءُ زهو جدودِنا
فاقرأْ على جدرانِها أمجادي
أمجادُها؟ ومَسحْتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي
يا ليتَ وارثتي الجميلةَ أدركت
أنَّ الذينَ عنتهمُ أجدادي
عانقتُ فيها عندما ودعتُها
رجلاً يسمى طارقَ بن زيادِ
لكن نزاراً هاجم التاريخ العربي هجوماً شرساً انفعالياً ووصفه وصفاً لا يليق به ومن شاعر بمستوى نزار. يقول الشاعر:
أمشط التاريخ، يا سيدتي
عبارةً عبارةْ
وصفحةً فصفحةً
ونقطةً فنقطةً
فلا أرى إلا خياماً أكلت خياما
ولا أرى إلا نظاماً قد محا نظاما
ولا أرى معتصماً
ولا أرى هشاما
فهل نكونُ كذبةً كبيرةً
نحن العرب؟
فهل هذه حقيقة العرب. بالتأكيد لا ولكن الشاعر قد ذهب فيه الهياج إلى حد
لم يعد يرى فيه الحقيقة إلا من خلال موقف. وهي رؤية يجب أن لا تصدر عن
شاعر كنزار. إن الأحداث في حياتنا يجب أن لا تنسينا حقائق وجودنا وكان من
المفروض أن يدين الحدث بدلاً من أن ينكر على العرب عروبتهم وأن يعيد قراءة
التاريخ بدلاً من أن يرفض قراءته. يقول الشاعر:
لن أقرأ التاريخَ بعدَ اليومْ
إنَّ أصابِعي اشتعلتْ..
وأثوابي تُغطِّيها الدماءْ
ها نحنُ ندخلُ عصرَنا الحجريَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ألفَ عامٍ للوراءْ
ومع هذا فقد غفر الناس له وحافظوا عليه لأنه حمل الوطن بداخله وكان حبه
لوطنه نقياً نقاء الثلج، وهاجاً كشمس دمشق.. دمشق التي أهداها من القصائد
ما يجعلها تميس روعة. لأنها قابعة في شرايينه، دمشق التي ارتوى من أعذب ما
فيها، من حاراتها العتيقة ومن مائها السلسبيل، ومن هوائها العذب، العاشق
المدمن الذي تهجى أول حروف العشق وأول حروف الحب والوطنية فيها. يقول
الشاعر:هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والراحُ
إني أحبُّ وبعضُ الحبِّ ذباحُ
أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي
لسالَ منه عناقيدٌ وتفاح
ولو فتحتم شراييني بمديتكم
سمعتم في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب تشفي بعض من عشقوا
وما لقلبي إذا أحببت جراحُ
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني
وللمآذن كالأشجار أرواحُ
هنا جذوري، هنا قلبي، هنا لغتي
فكيف أوضح، هل في العشق إيضاحُ
مضى عامانِ يا أمي
على الولدِ الذي أبحرْ
برحلتهِ الخرافيةْ
وخبّأ في حقائبِهِ
صباحَ بلادِه الأخضرْ
وأنجمَها، وأنهرَها، وكلَّ شقيقهِ الأحمرْ
وخبأ في ملابسهِ
طرابيناً من النَّعناعِ والزَّعترْ
وليلكةً دمشقيةْ..
لقد أخذ نزار دمشق الوطن أضمومة فرح يستمد منها ما يجدد عزمه وتوقه إلى كل عواصم الدنيا وجال ولم يجد أجمل منها، يقول:
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطِرنا
مآذنُها.. تضيءُ على مراكبِنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ.
قد زُرعت بداخلنا
كأنَّ الضوءَ والأحجارَ
جاءتْ كلُّها معنا..
أما شعره السياسي فقد أفرد له حقلاً واسعاً وكان مبتكراً بصورته ومفهومه
الجمالي والدلالي، متميزاً بجرأته التي تجاوزت حد المألوف وبخصوصيته التي
جسدت وعياً حضارياً وسياسياً متقدماً. فقد كانت قصيدته قصيدة الحرية ولذا
فرضت نفسها بقوة على الساحة الشعرية العربية وشقت طريقها إلى الجماهير
الواسعة بدون استئذان بما فيها من معالجة وتهكم وإدانة ولعل قصيدته "هوامش
على دفتر النكسة" كانت قاسية في أحكامها لاذعة في سخريتها طريفة في نقدها
وقد ساقها الشاعر بلغة سهلة وعواطف صادقة فأثرت في الوجدان الشعبي تأثيراً
كبيراً لأن الناس في مرحلة من مراحل التاريخ المأزوم يؤثرون جلد الذات وقد
قال نزار عن هذه القصيدة:"كتبت الهوامش في مناخ المرض والهذيان.. وفقدان الرقابة على أصابعي.. لذلك جاءت بشكل شحنات متقطعة، وصدمات كهربائية متلاحقة.. إنني لا أذكر أنني كتبت في كل حياتي الشعرية قصيدة بمثل هذه الحالة العصبية والتهيج.. غير أن حزيران كان شهراً بلا منطق. لذلك فإن الكتابة عنه، هي الأخرى يجب أن تكون بلا منطق.. الهزيمة العسكرية لم تكن وحدها وراء الأدب الحزيراني، فوراء هذا الأدب عصور من القهر والكبت والتخلف تراكمت وتجمعت حتى تفجرت بركاناً من الغضب صبيحة الخامس من حزيران.. أهم ما فعله حزيران هو أنه رمانا جميعاً من خلف مكاتبنا.. وقذف كتبنا وأوراقنا وأقلامنا إلى الشارع، حزيران غرز دبوساً حاداً في عقلنا. ثقب كل أكياس الغرور والعنتريات التي كانت تملأ جماجمنا، كان لا بد من عملية غسيل كاملة لأدمغتنا ولشعرنا ولنثرنا ولكلامنا، ولقد كنت في الهوامش أول من غسل نفسه بنفسه.. أول من سكب الزيت الحارق على جلده وجلد قصائده.
ومن هذا المنطلق يجيز الشاعر لنفسه أن يمارس كل أشكال التأنيب والتأديب واللعن والطعن لأن الواقع العربي في رأيه يحتاج إلى مثل هذا كي يصل إلى حد المواجهة والثورة وكي يعي ذاته ويمارس دوره في خلق واقع جديد ومن خلال هذا المنظور فإن مهمة الشعر في مثل هذا الواقع تدفع المقدس عن كل الرموز والأشياء والأفكار ويحق لها أن تقول ما تشاء في الوقت الذي تشاء طالما أن الواقع يتطلب ذلك. إذن فالشعر بعد حزيران عند نزار قباني كان صوتاً وقنبلة وقطعة سلاح. يقول الشاعر:
"الشعر بعد حزيران هجوم على الموت في حجرة نومه، هجوم على كل أوكار السحر والشعوذة والتنبلة والاتكال في تاريخنا، هجوم على صانعي الحجابات، وضاربي المنادل، وقارئي الكف، والزوايا، والتكايا، والأضرحة، وطبول الزار، وألفية ابن مالك، ومقامات الحريري، وعلى كل البيوت السرية التي تتعاطى دعارة الفكر، ودعارة السياسة في مجتمعنا العربي، لم تبق بعد حزيران عصمة لأحد، لم تعد هناك أشياء تقال وأشياء لا تقال.. ولا أصنام غير قابلة للرجم".
إن نزاراً بدأ الرجم منذ حزيران واستمر بجلد الذات علناً بدءاً من الهوامش إلى "الاستجواب"، "الممثلون"، و"الخطاب" و"الوصية" و"حوار مع أعرابي أضاع فرسه" و"بانتظار غودو" و"المهرولون" و"من مفكرة عاشق دمشق" و"قصيدة اعتذار إلى أبي تمام".. الخ من القصائد الكثيرة التي لا يمكن لزمن محاضرة أن يتسع لها. لقد بدا نزار في شعره السياسي مأزوماً مجروحاً فبدأ يوزع الشتائم ويكيل الإدانات ويرمي اللوم على كل من يراه عقبة في وجه التقدم العربي. يقول الشاعر في قصيدته "من مفكرة عاشق دمشقي":
يا ابنَ الوليدِ.. ألا سيفٌ تؤجرُهُ
فكلُّ أسيافِنا قد أصبحتْ خشبا
دمشقُ يا كنزَ أحلامي ومروحتي
أشكو العروبة أم أشكو لكِ العرَبا
أدمتْ سياطُ حزيرانٍ ظهورَهُمُ
فأدمنوها وباسُوا كفَّ من ضَربا
أما في قصيدته "قصيدة اعتذار لأبي تمام" فنراه يهاجم الاتكال والتسويف
والشعر والشعراء ويشكك في صدق أقوالنا وافعالنا وعباداتنا. يقول الشاعر:
أبا تمام.. إنّ النار تأكلُنا
وما زلنا نجادلُ بعضَنا بعضاً
عن المصروفِ والممنوعِ من صَرْفٍ
وجيشُ الغاصبِ المحتلِّ.. ممنوعٌ من الصرفِ
وما زلنا نطقطقُ عظمَ أرجلِنا
ونقعدُ في بيوتِ اللهِ.. ننتظرُ
بأن يأتي الإمامُ عليّ.. أو يأتي لنا عمرُ
ولن يأتوا..
ولن يأتوا..
فلا أحدٌ بسيفِ سواهُ ينتصرُ
لذلك أيها السادة..
سأجمعُ كلَّ أوراقي
وأعتذرُ
أما في قصيدته "بلقيس" فنجد أن الشاعر قد فقد صوابه وأخذ يكيل الاتهامات
يمنة ويسرة بحالة انفعالية لا مثيل لها حتى إنه فقد ثقته بالعرب والعروبة
والحياة. إنها سورة انفعالية عالية صبَّها الشاعر بطريقة لا تقبل التصديق.
يقول الشاعر:
قسماً بعينيكِ اللتينِ إليهِما..
تأوي ملايينُ الكواكبْ..
سأقولُ، يا قَمري، عن العربِ العجائبْ
فهلِ البطولةُ كذبةٌ عريبةٌ
أمْ مثلُنا التاريخُ كاذبْ؟
وقد قال بالفعل في هذه القصيدة ما لا يجوز لأي شاعر مهما كان السبب ومع
ذلك فقد تعاطف معه الجمهور وغفر له، وفي قصيدة "متى يعلنون وفاة العرب"
يقول الشاعر:
أيا وطني: جعلوكَ مسلسلَ رعبٍ
نتابعُ أحداثَهُ في المساءْ
فكيفَ نراكَ إذا قَطعوا الكهرباءْ
أما المهرولون فهم كفارة هذا الزمن الرخو الذي تساقطت فيه أقنعة
الكثيرين فبدا الشاعر فيها ثائراً مهاجماً ناقماً على الواقع السياسي
العربي. يقول الشاعر:
ما تفيدُ الهرولة.. ما تفيد الهروله
عندما يبقى ضمير الشعب حياً
كفتيل القنبلةْ
لن تساوي كل توقيعاتُ أوسلو
خردلةْ..
وفي هذا المجال لم يفلت من سوطه الشعري كل الذين هدروا مقدرات الأمة في
سبيل لذاتهم لا في سبيل مجد الأمة ولم يوظفوها لصالح الوطن. لقد أدانهم
وقذفهم بأبشع الأقوال وحملهم عار الذل والهوان لأنهم استكانوا لغرائزهم
وتناسوا وطنهم وقضيتهم. يقول الشاعر:
متى تفهمْ
تمرَّغْ يا أمير النَّفطِ فوقَ وحولِ ذاتِكْ
كممسحةٍ.. تمرَّغْ في ضلالاتِكْ
لك البترولُ.. فاعصرهُ
على قَدميْ خليلاتِكْ
كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتِكْ
على أقدامِ مومسةٍ.. هناكَ دفنتَ ثاراتِكْ
فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتِكْ
كأنَّ حِراب إسرائيل لم تُجهضْ شقيقاتِك
ولم تهدمْ منازِلَنا
ولم تحرِقْ مصاحفَنا
ولا راياتُها ارتفعتْ على أشلاءِ راياتِكْ
متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتِكْ
لكن نزاراً الذي انتقد حالات اعتبرها سقطات في تاريخ الأمة السياسي
والاجتماعي كان دائم الشوق لإشراقة نصر تضيء سماء العرب وترفع صوت العروبة
عالياً ولذا رأيناه يندفع في تشرين يغني للوطن الذي تحرر من عقدة الذنب
وسجل انتصاراً رائعاً. لقد كتب الشاعر عن حرب تشرين قصائد تفيض حباً وتنضح
عشقاً وتفوح رجولة وبطولة. يقول الشاعر:
ألاحظتِ؟
كيف تحررتُ من عقدة الذنبِ
كيف أعادتْ ليَ الحربُ
كلَّ ملامحِ وجهي القديمَةْ
أحبُّكِ في زمنِ النَّصرِ
إنَّ الهوى لا يعيشُ طويلاً بظلِّ
الهزيمَةْ
لقد عاش الشاعر نشوة النصر، وانتشى بأنغام إيقاعات المدافع والصواريخ
فضبط قصائده على إيقاعها وشحنها بحبه الكبير لوطنه ورفعها إكليل غار على
رؤوس أبطال تشرين وجعلها نبع حب لا ينتهي وها هو يقول في قصيدته "ترصيع
بالذهب على سيف دمشقي"شامُ يا شامُ، يا أميرةَ حبِّي
كيفَ ينسى غرامَه المجنونُ
شمسُ غرناطة أطلَّتْ علينا
بعدَ يأسٍ وزغردتْ ميسلونُ
إنَّ أرضَ الجولانِ تشبهُ عينيكِ
فماءٌ يجري ولوزٌ وتينُ
نحنُ عكا ونحنُ كرملَ حيفا
وجبالُ الجليلِ واللطرونُ
كلُّ ليمونةٍ ستنجبُ طفلاً
ومحالٌ أن ينتهي الليمونُ
بقي إن أقول أن الذي قلته هو النذر اليسير، فالوطن عند نزار قباني مترامي الأطراف لا يحده حدٌّ ولا يؤطره مكان. إنه عالم متكاملٌ بناه برؤى خاصة وأفكار خاصة، وغازله بلغة شفيفة عانقَ فيه روحَ الحياة وأهدى كل قطعة فيه قصيدة شعر، وكان في كل ما قال صادقاً عفيفاً لم يخالطه شك في حبه لوطنه، إلا أنه كان غيوراً ككل العاشقين، فإذا هجا الوطن فلأنه يريد له أن يعلو ويعلو، وإذا اخترق العادة فلأنه يريد لأبناء جنسه أن يروا الضوء ويتطلعوا إلى الحياة بعين المبدع الرائد، وبكل ما قال كان مبدعاً مجدداً متفرداً، وكان شعره يدخل إلى كل البيوت بدون استئذان، وتردده الحناجر دون عناء، وبهذا الحب استطاع أن يهذب القصيدة الحديثة وأن يفصِّل لها مفرداتها الجديدة ويثريها ثم يقتادها إلى فضاءات الحب والحياة لأن خطابه الشعري- سواء العاطفي منه أو السياسي- كان يتميز بالصدق والعنف والتوتر العالي وأهم ما فيه أنه لا يقسم الكلمة إلى نصفين.. ولا الحقيقة إلى نصفين.
وعلى هذا الأساس فقد كنَّس ألوف الخرافات والأكاذيب التي تستوطن رأس الإنسان العربي وقاتل كل رموز القمع العربي، ولم يتزوج من كل نساء العالم سوى امرأة واحدة هي الحرية حيث كتب شعراً للحرية حفظه الناس وتناقلوه، وتمشوا في حدائقه، ومارس نقداً سياسياً جارحاً للأخطاء السياسية والاستراتيجية والنفسية العربية مما أثار عليه غضب اليمين واليسار ولأن شعره لا يتوخى إلا مصلحة الوطن ولا يقف إلا مع الحقيقة والحرية فقد هاجمه الكثير. وحاولوا النيل منه ومن شعره، لا لشيء، وإنما لأنه طلب للجسد وثيقة رد اعتبار وللغة نسمة حياة، ولعنترة موقف بطولة وشهادة طهر.
إنه يمثل روح شعب وروح تجربة في الشعر، والكتابة عنه قد تبدو للوهلة الأولى سهلة. لكن الدخول فيها تورط يصعب تحديده وحسبي من هذا أنني لامست شواطئ بحره الشعري وتحدثت عن ميزة تمثل جانباً من جوانب شعره الذي تحدث عنه الكثيرون وقالوا إنه مفقود في عالمه الشعري وإذ به عالم خاص له مناخاته وآفاقه وأبعاده ولا يمكن الحديث عنه بمحاضرة واحدة وتقصي كل جوانب هذا الجانب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق