الاثنين، 17 مارس 2014

البديع في وصف الربيع



تأمل وقيت ملم الخطو . . . ب فعل الربيع وما أسسه
بحائر قصرك من صوغه . . . دنانير قد قارنت أفلسه
وأسطار نور قد استوسقت . . . وسطر سطر على الغمر قد طلسه
ونبت له مدرع أخضر . . . بصفرة أصباغه ورسه
فأبدع ما صاغ لكنه . . . أجل بدائعه السندسة
مدارعها خضرة غضة . . . أعاد النعيم لها ملبسة
كأن الظلال علينا بها . . . أواخر ليل على مغلسه
كأن النواوير في أفقها . . . نجوم تطلعن في حندسه
ومهما تأملت تحسينها . . . فعيني بقرتها معرسه
محل لعمرك قد طيب ال . . . إله ثراه وقد قدسه
المغلسة ، جمع مغلس ، وهو الداخل في الغلس . ولصاحب الشرطة أبي بكر بن القويطة في هذا المعنى الذي غرضت إليه في كتابي ، وقصدته بتأليفي نوادر مبتدعة ، ومعان مخترعة ، وقطع من السحر مقتطعة ، ستقع في أبوابها ، وتوضع مع أشكالها فمن بديع ما أنشدنيه قوله :
ضحك الثرى وبدا لك استبشاره . . . واخضر شاربه وطر عذاره
وربت حدائقه وآزر نبته . . . وتفطرت أنواره وثماره
واهتز ذابل نبت كل قرارة . . . لما أتى متطلعا آذاره
وتعممت صلع الربا بنباتها . . . وترنمت من عجمة أطياره
وكأنما الروض الأنيق وقد بدت . . . متلونات غضة أنواره
بيضا وصفرا فاقعات صائغ . . . لم ينأ درهمه ولا ديناره
سبك الخميلة عسجدا ووذيلة . . . لما غدت شمس الظهيرة ناره
فتوسد الديباج وافترشن له ال . . . وشي الذي من غير صنعا داره
وتضوعت ريح الرياض كأنما . . . فت العبير بأرضها عطاره
فاشرب إذا اعتدل الزمان ووزنه . . . وإذا استوى بالليل منه نهاره
شبه الروض بالصائغ ، وابيض نوره وأصفره بدراهمه ودنانيره ، والخميلة : مسترق الرملة . والوذيلة : الصفيحة من الفضة ، وجمعها على فعائل . وأبدع من هذا وأطبع ، ما أنشدنيه أيضا لنفسه : [ السريع ]
لما رأى العام زمان الربي . . . ع الطلق قد نشر عرف الكبى
أجرى إلى غايته مجهدا . . . فكلما رام لحاقا كبا
والنور قد بث دنانيره . . . مفضضا إن شئت أو مذهبا
استعمل الحيلة لما ونى . . . ولم يجد عن قصده مذهبا
فقال : أسلفني يوما بشه . . . ر ، فأجابته رياض الربا :
هذا الربا ، والله في وحيه ال . . . منزل قد حرم فعل الربا
ومما يوازي هذه القطعة دقة ويشاكلها رقة ، قوله : [ مخلع البسيط ]
قد أخذ الأفق في البكاء . . . واغرورقت مقلة السماء
فالأرض إن أظهرت جفاء . . . أرسل عينيه بالبكاء
كأنه عاشق مشوق . . . يشكو هواه إلى الهواء
مرجيا أن يلين منها . . . ما أظهرته من الجفاء
حتى إذا راضها سفيرا . . . صدت بوجه من الحياء
وانتقبت بالنبات عنه . . . والتحفت منه في رداء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق