الأربعاء، 19 فبراير 2014

اجمل قصائد نزار قبانى السياسية

اجمل قصائد نزار قبانى السياسية


أطفال الحجارة

بهروا الدنيا..

وما في يدهم إلا الحجاره..

وأضاؤوا كالقناديل، وجاؤوا كالبشاره

قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا..

وبقينا دبباً قطبيةً

صفحت أجسادها ضد الحراره..

قاتلوا عنا إلى أن قتلوا..

وجلسنا في مقاهينا.. كبصاق المحارة

واحدٌ يبحث منا عن تجارة..

واحدٌ.. يطلب ملياراً جديداً..

وزواجاً رابعاً..

ونهوداً صقلتهن الحضارة..

واحدٌ.. يبحث في لندن عن قصرٍ منيفٍ

واحدٌ.. يعمل سمسار سلاح..

واحدٌ.. يطلب في البارات ثاره..

واحدٌ.. بيحث عن عرشٍ وجيشٍ وإمارة..

آه.. يا جيل الخيانات..

ويا جيل العمولات..

ويا جيل النفايات

ويا جيل الدعارة..

سوف يجتاحك –مهما أبطأ التاريخ-

أطفال الحجاره..



هوامش على دفتر الهزيمة 1991

1

لا حربنا حربٌ، ولا سلامنا سلام

جميع ما يمر في حياتنا

ليس سوى أفلام ...

زواجنا مرتجلٌ .

وحبنا مرتجلٌ .

كما يكون الحب في بداية الأفلام .

وموتنا مقررٌ .

كما يكون الموت في نهاية الأفلام .

لم ننتصر يوماً على ذبابةٍ

لكنها .. تجارة الأوهام .

فخالدٌ ، وطارقٌ ، وحمزةٌ ،

وعقبة بن نافعٍ ،

والزير ، والقعقاع ، والصمصام .

مكدسون كلهم ..

في علب الأفلام ..



وراءها هزيمةٌ ..

وراءها هزيمةٌ ..

كيف لنا أن نربح الحرب

إذا كان الذين مثلوا ..

وصوروا ..

وأخرجوا ..

تعلموا القتال في وزارة الإعلام ؟؟



في كل عشرين سنه ..

ليذبح الوحدة في سريرها

ويجهض الأحلام.



في كل عشرين سنه ..

يأتي إلينا حاكمٌ بأمره

ويأخذ الشمس إلى منصة الإعدام .



في كل عشرين سنه

يأتي إلينا نرجسيٌ عاشقٌ لذاته

ليدعي بأنه المهدي ، والمنقذ ،

والواحد ، والخالد ،

والحكيم ، والعليم ، والقديس ،

والإمام ...



في كل عشرين سنه

يأتي إلينا رجلٌ مقامرٌ

ليرهن البلاد ، والعباد ، والتراث ،

والشروق ، والغروب ،

والذكور ، والإناث ،

والأمواج ، والبحر ،

على طاولة القمار ..



في كل عشرين سنه

يأتي إلينا رجلٌ معقدٌ

يحمل في جيوبه أصابع الألغام ..



ليس جديداً خوفنا

من يوم كنا نطفةً

في داخل الأرحام .



هل النظام ، في الأساس ، قاتلٌ ؟

عن صناعة النظام ؟



إن رضي الكاتب أن يكون مرةً

دجاجةً ..

تعاشر الديوك .. أو تبيض .. أو تنام ..



للأدباء عندنا نقابةٌ رسميةٌ

تشبه في تشكيلها

نقابة الأغنام ...

ثم ملوكٌ أكلوا نساءهم

في سالف الأيام

لكنما الملوك في بلادنا

تعودوا أن يأكلوا الأقلام ...



وأصبح التاريخ في أعماقنا

إشارة استفهام !!



هم يقطعون النخل في بلادنا

للسيد الرئيس ، غاباتٍ من الأصنام !



لم يطلب الخالق من عباده

أن ينحتوا يوماً له

مليون تمثالٍ من الرخام !!

تقاطعت في لحمنا خناجر العروبه

واشتبك الإسلام بالإسلام ...



بعد أسابيع من الإبحار في مراكب الكلام

إلا الجلد والعظام ..



طائرة (الفانتوم) ..

تنقض على رؤوسنا



الحرب ..

لا تربحها وظائف الإنشاء .

ولا التشابيه .. ولا النعوت .. والأسماء

فكم دفعنا غالياً ضريبة الكلام ...



من الذي ينقذنا من حالة الفصام ؟

ونحن كل ليلةٍ ..

نرى على الشاشات جيشاً جائعاً .. وعارياً ..

يشحذ من خنادق الأعداء (ساندويشةً)

وينحني .. كي يلثم الأقدام !!

قد دخل القائد – بعد نصره –

لغرفة الحمام ..

ونحن قد دخلنا

لملجأ الأيتام !!..

نموت مجاناً .. كما الذباب في إفريقيا

نموت كالذباب.

ويدخل الموت علينا ضاحكاً

ويقفل الأبواب.

نموت بالجملة في فراشنا

ويرفض المسؤول عن ثلاجة الموتى

نموت .. في حرب الإشاعات..

وفي حرب الإذاعات..

وفي حرب التشابيه..

وفي حرب الكنايات..

وفي خديعة السراب .

نموت.. مقهورين، منبوذين ، ملعونين..

منسيين كالكلاب ..

يفلسف الخراب...



مضحكةٌ مبكيةٌ.

معركة الخليج.

فلا النصال انكسرت فيها على النصال.

ولا رأينا مرةً..

آشور بانيبال

فكل ما تبقى.. لمتحف التاريخ .

أهرامٌ من النعال!!.



في كل عشرين سنه.

يجيئنا مهيار.

يحمل في يمينه الشمس،

وفي شماله النهار.

ويرسم الجنات في خيالنا

وينزل الأمطار.

وفجأةً..

يحتل جيش الروم كبرياءنا

وتسقط الأسوار!!.



في كل عشرين سنه.

يأتي امرؤ القيس على حصانه


أصواتنا مكتومةٌ.

شفاهنا مختومةٌ.

شعوبنا ليست سوى أصفار ...

إن الجنون وحده،

يصنع في بلادنا القرار...



نكذب في قراءة التاريخ.

نكذب في قراءة الأخبار.

إلى انتصار!!.



يا وطني الغارق في دمائه

يا أيها المطعون في إبائه

مدينةً مدينةً..

نافذةً نافذةً ..

غمامةً غمامةً..

حمامةً حمامةً ..

مئذنةً مئذنةً ..

أخاف أن أقرئك السلام ..

يسافر الخنجر في عروبتي

يسافر الخنجر في رجولتي

هل هذه هزيمةٌ قطريةٌ ؟

أم هذه هزيمةٌ قوميةٌ ؟



يسافر الخنجر في عروبتي

يسافر الخنجر في رجولتي

هل هذه هزيمةٌ قطريةٌ ؟

أم هذه هزيمةٌ قوميةٌ ؟

أم هذه هزيمتي ؟؟






1

مواطنوان.. دونما وطن

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن..

مسافرون دون أوراقٍ

وموتي دونما كفن.

نحن بغايا العصر.. كل حاكمٍ

يبيعنا، ويقبض الثمن!!

نحن جواري القصر، يرسلوننا

من حجرةٍ لحجرةٍ

من قبضةٍ لقبضةٍ

من هالكٍ لمالكٍ

من وثنٍ إلى وثن

نركض كالكلاب كل ليلةٍ

من عدنٍ لطنجةٍ

من طنجةٍ إلى عدن

نبحث عن قبيلةٍ تقبلنا

نبحث عن عائلةٍ تعيلنا

نبحث عن ستارةٍ تسترنا

وعن سكن..

وحولنا أولادنا

إحدودبت ظهورهم، وشاخوا

وهم يفتشون في المعاجم القديمه

عن جنةٍ نضيرةٍ

عن كذبةٍ كبيرةٍ كبيرةٍ..

تدعى الوطن..

*

مواطنون نحن في مدائن البكاء

قهوتنا مصنوعةٌ من دم كربلاء

حنطتنا معجونةٌ بلحم كربلاء

طعامنا. شرابنا

عاداتنا. راياتنا

صيامنا. صلاتنا

زهورنا. قبورنا

جلودنا مختومةٌ بختم كربلاء..

لا أحدٌ يعرفنا في هذه الصحراء

لا نخلةٌ. لا ناقةٌ.

لا وتدٌ.. لا حجرٌ

لا هند.. لا عفراء

أوراقنا مريبةٌ

أفكارنا غريبةٌ

فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا

ولا الذين يشربون الدمع والشقاء...

معتقلون..

داخل النص الذي يكتبه حكامنا

معتقلون..

داخل الدين كما فسره إمامنا

معتقلون..

داخل الحزن، وأحلى ما بنا أحزاننا

مراقبون نحن في المقهى.. وفي البيت..

وفي أرحام أمهاتنا..

حيث تلفتنا، وجدنا المخبر السري في انتظارنا

يشرب من قهوتنا..

ينام في فراشنا..

يعبث في بريدنا

ينكش في أوراقنا

يدخل من أنوفنا

يخرج من سعالنا

لساننا مقطوع..

ورأسنا مقطوع..

وخبزنا مبللٌ بالخوف والدموع..

إذا تظلمنا إلى حامي الحمى

قيل لنا ممنوع..

وإن تضرعنا إلى رب السما

قيل لنا: ممنوع..

وإن هتفنا:

يا رسول الله، كن في عوننا

يعطوننا تأشيرةً من غير ما رجوع

وإن طلبنا قلماً

لنكتب القصيدة الأخيره

أو نكتب الوصية الأخيره

قبيل أن نموت شنقاً

غيروا الموضوع..

*

يا وطني المصلوب فوق حائط الكراهيه

يا كرة النار التي تسير نحو الهاويه

لا أحدٌ من مضرٍ.. أو من بني ثقيف

أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف

زجاجةً من دمه..

أو بوله الشريف!!

لا أحدٌ.. على امتداد هذه العباءة المرقعه..

أهداك يوماً معطفاً أو قبعه..

يا وطني المكسور مثل عشبة الخريف..

مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا..

مهجرون من أمانينا، وذكرياتنا

عيوننا تخاف من أصواتنا

حكامنا آلهةٌ يجري الدم الأزرق في عروقهم

ونحن نسل الجاريه

لا سادة الحجاز يعرفوننا..

ولا رعاع الباديه.

ولا أبو الطيب يستضيفنا..

ولا أبو العتاهيه.

إذا ضحكنا لعليٍ مرةً..

يقتلنا معاويه..



لا أحدٌ يريدنا

من بحر بيروت.. إلى بحر العرب..

لا الفاطميون، ولا القرامطه.

ولا المماليك، ولا البرامكه.

ولا الشياطين، ولا الملائكه.

لا أحدٌ يريدنا.

في المدن التي تقايض البترول بالنساء،

والديار بالدولار، والتراث بالسجاد،

والتاريخ بالقروش، والإنسان بالذهب.

وشعبها يأكل من نشارة الخشب!!

لا أحدٌ يريدنا..

في مدن المقاولين، والمضاربين، والمستوردين،

والمصدرين، والملمعين جزمة السلطة،

والمثقفين حسب المنهج الرسمي،

والمستأجرين كي يقولوا الشعر،

والمقدمين للأمير عندما يأوي إلى فراشه

قائمةً بأجمل النساء..

والموظفين في بلاط الجنس..

والمهرجين..

والمخنين..

والمخوضين في دمائنا حتى الركب..

لا أحدٌ يقرؤنا

في مدن الملح التي تذبح في العام

ملايين الكتب..

لا أحدٌ يقرؤنا

في مدنٍ..

صارت بها مباحث الدولة

عراب الأدب..



مسافرون نحن في سفينة الأحزان

وشيخنا قرصان

مكومون داخل الأقفاص كالجرذان

لا مرفأٌ يقبلنا.

لا حانةٌ تقبلنا.

لا امرأةٌ تقبلنا.

كل الجوازات التي نحملها

أصدرها الشيطان

كل الكتابات التي نكتبها.

لا تعجب السلطان..

مسافرون خارج الزمان والمكان

مسافرون ضيعوا نقودهم..

وضيعوا متاعهم، وضيعوا أبناءهم،

وضيعوا أسماءهم، وضيعوا انتماءهم..

وضيعوا الإحساس بالأمان

فلا بنو هاشم يعرفوننا، ولا بنو قحطان

ولا بنو ربيعةٍ، ولا بنو شيبان

ولا بنو (لينين) يعرفوننا.. ولا بنو (ريغان)..

*

يا وطني: كل العصافير لها منازلٌ

إلا العصافير التي تحترف الحريه

فهي تموت خارج الأوطان...

يا وطني: كل العصافير لها منازلٌ

إلا العصافير التي تحترف الحريه

فهي تموت خارج الأوطان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق