"التشبيه" هو المماثلة بين شيئين لاشتراكهما في صفة أو حال من الأحوال أو أكثر لتعميق الإحساس بهذه الصفة أو الحال في المشبه. ومن هنا، كانت أركان التشبيه أربعة: المشبه، والمشبه به، ووجه الشبه (تلك الصفة أو الحال)، وأداة التشبيه. وأداة التشبيه هذه قد تكون حرفا، وبالتحديد حرف الكاف، وكأن، وقد تكون فعلا، نحو: يشبه؛ يحاكي؛ يماثل؛ يضارع (وفي صيغة الماضي أيضا والأمر)، أو اسما، نحو: مثل؛ شبه؛ نظير؛ مماثل؛ مشابه، أو جملة، نحو: شأنه شأن؛ مثله مثل؛ حاله حال.التشبيه
وقد يحذف بعض هذه الأركان، ويبقى التشبيه قائما. فإن اكتملت هذه الأركان في جملة التشبيه، سمي "مرسلا مفصلا" نحو قول الشاعر:
كأن أخلاقك في لطفها ورقة فيها نسيم الصباح (اللطف والرقة وجه الشبه)
وإن حذف بعضها فكان المحذوف أداة التشبيه سمي التشبيه "مؤكدا"؛ وإذا كان المحذوف وجه الشبه، سمي التشبيه "مجملا"، وإذا كان المحذوف كليهما، سمي التشبيه "مؤكدا مجملا" وهو نفسه "التشبيه البليغ".
أما إن كان المحذوف المشبه أو المشبه به، فإن التشبيه يصبح "استعارة"؛ فإن كان المحذوف المشبه، سميت الاستعارة "تصريحية"، وإن كان المحذوف المشبه به، سميت الاستعارة "مكنية".
* التشبيه المؤكد المفصل (أداة التشبيه وحدها المحذوفة)، نحو قولنا "القصر جنة في جماله" (وجه الشبه: في جماله)، ونحو قول الشاعر:
هو بحر السماح والجود فازدد منه قربا تزدد من الفقر بعدا (وجه الشبه: السماح والجود).
ونحو قول جميل بثينة:
فأصرمها خوفا كأني مجانب ويغفل عنا مرة فيعود (وجه الشبه: القطيعة)
ونحو قول نزار قباني:
وكأن رجع حديثها قطع الرياض كسين زهرا (وجه الشبه: بعث الراحة في النفس)
* التشبيه المرسل المجمل (وجه الشبه وحده المحذوف)، كقولنا "القصر كالجنة")، وكقول الشاعر:
وشوق كالتوقد في فؤاد كجمر وجوانح كالمُحاش (وجه الشبه محذوف في المواطن الثلاثة: كالتوقد حرارة واشتعالا؛ كجمر في الإحراق (إحراق الصدر)؛ كالمحاش في احتراقها وتساقطها (المحاش ما أحرقته النار)).
ويقول ابن الرومي في رثاء ابن له:
وظل على الأيدي تساقط نفسه ويذوي كما يذوي القضيب من الرند ( شبه ذبول ابنه بذبول غصن الرند، فوجه الشبه محذوف، هو الطراوة والرقة والطيب).
* التشبيه المؤكد المجمل (التشبيه البليغ)، وهو ما حذف منه كل من أداة التشبيه (لذلك، كان مؤكدا) ووجه الشبه (لذلك، كان مجملا)، نحو قولنا "العلم نور،" وتقديره: العلم كالنور في الهداية وإنارة طريق صاحبه. ومن التشبيه البليغ قول الشاعر:
جمرة الخد أحرقت عنبر الخال فمن ذلك العذار دخان (شبه الخد بالجمر في اللون (والتورد)، والخال (اشامة) بالعنبر، أيضا في اللون (والعبق)، وفي كل هذا تم حذف أداة التشبيه ووجه الشبه). ومنه أيضا قول إيليا أبي ماضي:
والسحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين (وجه الشبه: سرعة العدو)
وقول أبي ماضي أيضا:
أيها الباكي رويدا لا يسد الدمع ثغره
فتهلل وترنم فالفتى العابس صخرة (الفتى العابس صخرة: تشبيه بليغ)
* التشبيه التمثيلي. في التشبيه التمثيلي يتكون كل من المشبه والمشبه به ليس من عنصر واحد (غضبه يشبه زمجرة الرعد)، وإنما من صورة فيها عنصران أو أكثر (صورة الملك تحيط به حاشيته تشبه صورة البدر تحيط به النجوم). ومنه قول الشاعر:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (السيوف وهي تتحرك وسط غبار المعركة تشبه النيازك وهي تتساقط في الظلام)، وقول الشاعر:
والبدر في أفق السماء كدرهم ملقى على ديباجة زرقاء
* التشبيه الضمني. في التشبيه الضمني تتوضح وتتأكد حالة معنوية مجردة من خلال مقابلتها بحالة مادية محسوسة لوجود شبه بينهما من غير استخدام أداة التشبيه، مثل المقابلة بين حاجة القوم لسيدهم عند الشدائد وحاجة الناس للبدر عند سفرهم في الليل. ومنه قول المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
وقول أبي تمام:
لا تنكري عطل الكريم من الغنى فالسيل حرب للمكان العالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق