الاثنين، 10 مارس 2014

قصيدة تبكي القلب لنزار قباني



فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ iiالهدبـا

فيا دمشـقُ... لماذا نبـدأ iiالعتبـا؟


حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ

على ذراعي، ولا تستوضحي iiالسببا


أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من iiامـرأةٍ

أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها iiكـذبا

يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها

فمسّحي عن جبيني الحزنَ iiوالتعبا

وأرجعيني إلى أسـوارِ iiمدرسـتي

وأرجعيني الحبرَ والطبشورَ iiوالكتبا

تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ iiبها

وكم تركتُ عليها ذكرياتِ iiصـبا

وكم رسمتُ على جدرانِها iiصـوراً

وكم كسرتُ على أدراجـها iiلُعبا

أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا iiوطني

أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ iiوالشُّـهبا

حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ iiهـنا

فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي iiذهبا؟

أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ iiبكامـلـها

ومن دموعي سقيتُ البحرَ iiوالسّحُبا

فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها iiامـرأةً

و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها iiذهـبا

هـذي البساتـينُ كانت بينَ iiأمتعتي

لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا

فلا قميصَ من القمصـانِ iiألبسـهُ

إلا وجـدتُ على خيطانـهِ iiعنبا

كـم مبحـرٍ.. وهمومُ البرِّ iiتسكنهُ

وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا

يا شـامُ، أيـنَ هما عـينا iiمعاويةٍ

وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ iiالشُّهبا

فلا خيـولُ بني حمـدانَ iiراقصـةٌ

زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ iiحَـلبا

وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ iiنلامسـهُ

فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا

يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ iiمسكنـهُ

ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ iiانتصـبا

يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ iiتؤجّرهُ؟

فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت iiخشـبا

دمشـقُ، يا كنزَ أحلامي iiومروحتي

أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ iiالعربا؟

أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم

فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من iiضربا

وطالعوا كتبَ التاريخِ.. iiواقتنعوا

متى البنادقُ كانت تسكنُ iiالكتبا؟

سقـوا فلسطـينَ أحلاماً iiملوّنةً

وأطعموها سخيفَ القولِ iiوالخطبا

وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ iiعاريةً

تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن iiرغِبـا..

هل من فلسطينَ مكتوبٌ iiيطمئنني

عمّن كتبتُ إليهِ.. وهوَ ما iiكتبا؟

وعن بساتينَ ليمونٍ، وعن iiحلمٍ

يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما iiاقتربا

أيا فلسطينُ.. من يهديكِ iiزنبقةً؟

ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي iiخربا؟

شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ iiباحثةً

عن الحنانِ، ولكن ما وجدتِ iiأبا..

تلفّـتي... تجـدينا في مَـباذلنا..

من يعبدُ الجنسَ، أو من يعبدُ iiالذهبا

فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى iiبصيرتَهُ

فللخنى والغـواني كـلُّ ما iiوهبا

وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ iiمغتسـلٌ

قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى iiالقصبا

وواحـدٌ نرجسـيٌّ في iiسـريرتهِ

وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد iiشربا

إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم iiنسبي

على العصـورِ.. فإنّي أرفضُ iiالنسبا

يا شامُ، يا شامُ، ما في جعبتي iiطربٌ

أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ iiالطربا

ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن iiأدبي؟

حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا iiالأدبا

وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا iiقلـمٌ

قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو iiصُـلبا

يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ

ونزفِ شريانهِ، ما أسهـلَ iiالعـتبا

من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى iiمواجعهُ

ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن iiشربا

حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى iiعنقي

من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا iiاضطربا؟

الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ iiنـطيّرها

نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ iiصَبا

لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرهُ


ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ iiالغض
با

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق